بقلم: عبد الله الحامد
مقدمة:
ظاهرة قديمة جديدة تنتاب الكثير من المسلمات الداعيات إلى الله والعاملات في حقل الدعوة، ألا وهي قضية التنازع بين مهام وواجبات كلٍّ من البيت والدعوة في نفس الأخت الداعية، وعدم التقصير في أحدهما أو تعدي أحدهما على حقوق الآخر، وهي إشكالية يشكو منها الأزواج في بعض الأحيان كما تشكو منها الزوجات، وهي تحتاج في المقام الأول إلى حُسن فهمٍ وإدراكٍ حتى تتجاوزها المرأة المسلمة دون وقوع تقصيرٍ في كافة مجالات عملها، وكم هي حاجتنا إلى فهمٍ صحيحٍ وفقهٍ واعٍ حتى تؤدي المرأة عملها الدعوي بلا خلل، وفي ذلك يقوم ابن القيم رحمه الله: "صحة الفهم نورٌ يقذفه الله في قلب العبد يُميِّز به بين الصحيح والفاسد والحق والباطل والهدى والضلال"، وتأتي هذه الكلمات من أجل تبين وجه التنازع وتحديد الأولويات في ذلك.
قواعد عامة:
نحتاج بدايةً أن نشير إلى بعض القواعد العامة التي يجب أن تحكم سلوك الأخت المسلمة، حتى لا تقع في هذه الإشكالية، ومن هذه القواعد:
- الوسطية: فلا إفراطَ ولا تفريطَ ما بين الفكر المانع لعمل المرأة ومشاركتها في الدعوة إلى الله وبين الفكر الموافق للعمل بدون ضوابط تُذكر.
- التوازن: بين كافة الحقوق والواجبات المطلوب القيام بها وإعطاء كل ذي حق حقه.
- ترتيب الأولويات: ينبغي أن ترتِّب المرأة المسلمة أولويَّاتها، ترتيبًا شرعيًّا يرضي ربها، وقد أخرج الإمام أحمد عن عبد الله بن أبي أوفى: "لا تؤدي المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدي حق زوجها عليها كله".
- الموازنة بين المصالح بعضها وبعض:
فالمرأة الواعية تُقدِّم مصلحة الدعوة الكبيرة على المصلحة الصغيرة، وتُقدِّم مصلحة الجماعة على مصلحة الفرد، وتُقدِّم مصلحة الكثرة على مصلحة القِلَّة، وتُقدِّم المصلحة الدائمة على المصلحة المنقطعة، وتُقدِّم المصلحة الجوهرية على المصلحة الشكلية والهامشية، إلى غير ذلك في فقه الموازنات.
ونتناول الآن الحقوق المتنازع عليها في نفس المرأة المسلمة والتي يجب عليها أداؤها كاملةً غير منقوصة، مع تحقيق التوازن بينها ومراعاة ترتيب الأولويات بينها.
أولاً- حق الدعوة إلى الله:
أختي المسلمة، لقد خلق الله البشر من ذكرٍ وأنثى، ولم يفضل أحدهما على حساب الآخر، فالمرأة والرجل سواء في أحكام الإسلام التي لم يرد فيها دليل بتخصيص الرجال بها دون النساء، ومن هذه الأحكام الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قال تعالى: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ..﴾(التوبة: من الآية 71)، وقال تعالى ﴿فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ﴾ (آل عمران: من الآية 195)، وقال صلى الله عليه وسلم: "إنَّما النساء شقائق الرجال"؛ لأن تحقيق الخير ونشر الفضيلة ومحاربة الفساد تستدعي تضافر جهد المرأة مع جهد الرجل؛ فهي تكاتفه وتعاضده لغاية واحدة، وقد دعانا الله تعالى إلى إيجاد أمة الخيرية فقال: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ﴾ (آل عمران: من الآية 104).
ولا تكون أمةٌ إلا بالرجل والمرأة، ومنذ بزوغ فجر الإسلام، ومنذ نزول قول الله تعالى على المصطفى- صلى الله عليه وسلم-: ﴿إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً (5)﴾ (المزمل) هيَّأ الله له مَن يعينه على حمل الأمانة، فكانت السيدة خديجة- رضي الله عنها- خير معين للنبي في العمل على نشر دينه ونصرته من خلال إيمانها بدعوته حين كذَّبه الناس، وعطائها حين منعه الآخرون، وتخفيفها عنه ما لاقاه من أذى الكفار، وأكدت على دورها في نجاح الدعوة، ولولا وعيها وتثبيتها لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- لاختلفت النتيجة، وقد ساهمت أمهات المؤمنين في الدعوة إلى الله وهن قدوتنا نحن النساء، فكنَّ مرجعًا للصحابة الكرام.
والدعوة إلى الله تأبى أن نُعطيها فضول أوقاتنا، وهي شرف ونعمة يتفضل الله بها على مَن أحب من عباده، ويحببها إليهم حتى يستعذبوا أشواكها، ويتلذذوا بالتضحية بالنفس والنفيس من أجلها؛ فهي من أحسن الأعمال كما قال تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ (33)﴾ (فصلت) وفيها بشارة الحبيب- صلى الله عليه وسلم-: "لأن يهدي الله بك رجلاً واحدًا خير لك من الدنيا وما فيها".
ثانيًا- حق البيت:
وإذا كان الله عز وجل قد أوجب على المرأة المسلمة أن تقوم بواجب الدعوة إلى الله، فلتعلم أن ميدان دعوتها الأول هو بيتها، ومنه تنطلق إلى ميادين الدعوة الأخرى، فالمرأة راعية في بيت زوجها، وهي مسئولة عن رعيتها "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"، ونجاحها هو تحقيق التوازن بين متطلبات بيتها ودعوتها، والتنسيق الكامل بينهما دون إفراطٍ أو تفريط،، إن المهمات الدعوية والمسئوليات التربوية التي وكلت بالمرأة المسلمة في بيتها أكثر من أن تحصى، ولعل المرأة المسلمة تُدرك أن المهمة الأساسية لها هي القيام على بيتها وأداؤها لمسئولياتها وواجباتها فيه، تجاه أبنائها في دعوتهم وحسن تربيتهم لا سيما في هذه الأزمنة التي كثُرت فيها الفتن المضلة والوسائل المفسدة، فكم تحتاج الأمة اليوم إلى نشء إيماني يتخذ رسولَ الله- صلى الله عليه وسلم- قدوته، والقرآن منهجه، والجهاد دعوته، والموت في سبيل الله أسمى أمانيه، وللمرأة المسلمة المثل في أمهات الاستشهاديين الفلسطينيات أمثال أم محمد فرحات، وهن يضربن أروع أمثلة التضحية والفداء بأعز الناس إلى قلوبهن لتغيير معادلة الخنوع والأنانية التي تحكم الأم، فهن أمثلة حية على تأثير الأم في صياغة البطولة، واحتضان الرجولة، ونبذ صفة الجبن والخنوع في نفوس الأبناء.
ثالثًا- حق الزوج:
وكما أن الله أوجب على المرأة دورًا في الدعوة إلى الله وفي حراسة بيتها، فقد أوجب عليها حقوقًا لزوجها، فعن أنس- رضي الله عنه- أن رجلاً سافر وأمر زوجه ألا تخرج من بيتها، فمرض أبوها فاستأذنت رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن تعوده، فقال لها: "اتقي الله وأطيعي أمر زوجك"، ثم مات أبوها فاستأذنت رسول الله- صلي الله عليه وسلم- أن تشهد جنازته، فقال لها: "اتقي الله وأطيعي أمر زوجك"، فأوحى الله إلى رسوله أنَّ الله قد غفر لها بطاعة زوجها، وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- قَالَ "لَوْ أَمَرْتُ أَحَدًا أَنْ يَسْجُدَ لأَحَدٍ لأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلاً أَمَرَ امْرَأَةً أَنْ تَنْقُلَ مِنْ جَبَلٍ أَحْمَرَ إلى جَبَلٍ أَسْوَدَ وَمِنْ جَبَلٍ أَسْوَدَ إلى جَبَلٍ أَحْمَرَ- لَكَانَ نَوْلُهَا أَنْ تَفْعَلَ" رواه ابن ماجة، ولعل من أروع ما قيل في ذلك، وصية "أم إياس" لابنتها عند زواجها، حيث نصحتها بنصائح غالية اشتملت على القيم التالية:
- الخشوع له بالقناعة.
- حسن السمع والطاعة.
- التفقد لموضع عينه وأنفه.
- التفقد لوقت منامه وطعامه.
- لا تعصين له أمرًا.
- لا تفشين له سرًّا.
- الاحتفاظ بماله والإرعاء على حشمه وعياله.
- في المال "حسن التدبير"، وفي العيال "حسن التقدير".
ثم إن عليك مسئولياتٍ عظيمةً تجاه زوجك في نصحه والتعاون معه على البر والتقوى، والصبر على دعوته كما صبر الأنبياء على أذى قومهم..
رابعًا- حق نفسها وروحها:
لا شك أن للمرأة على نفسها حقوقًا يجب عليها القيام بها، من تهذيبٍ وإصلاحٍ وتقويمٍ وتزكيةٍ، وهذا ما ركَّزت عليه الدعوة، حينما وضعت أولى خطوات الإصلاح في بناء الفرد والنفس بمقوِّماتها العشرة، وصاغها رائد الدعوة في الخمسينيات بقوله: "أقيموا دولة الإسلام في نفوسكم تقم على أرضكم"، ولعل صلاح المرأة الداعية هو أبلغ دعوة توجهها إلى الناس؛ فهي بأخلاقها وسلوكها والتزامها الإسلامي تشكِّل جذبًا لدينها حتى لو لم تنطق بكلمة واحدة؛ لأنها مثل حيّ ووسيلة إيضاح تترجم تعاليم الإسلام لتجتمع القلوب على محبتها والاقتداء بها. وهي الخطوة الأولى على طريق العمل المثمر؛ فتعمل جاهدة على تزكية نفسها، وما لم تشحن المرأة روحها بالعبادات، والطاعات وفضائل الأعمال، فإن تأثيرها يكون ضعيفًا في غيرها؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه، والقلب المظلم لا يستطيع إنارة ظلام الآخرين.
خامسًا- حقوق أخرى:
وهي تشمل كافة المسئوليَّات الأخرى التي هي مُكلَّفةٌ بها، مثل البر بالوالدين والأهل والأقارب، أو الاهتمام بوظيفتها وعملها الحيوي، أو دراستها الجامعية أو العليا، على حسب ترتيب الفروض بالنسبة لها، كل هذه وغيرها حقوق يجب أداؤها على أكمل وجه.
صور مغلوطة (اللا أولويات):
وهذه بعض الصور التي يحدث بها خلل في ترتيب الأولويات وعدم التوازن بين الحقوق عند بعض النساء الداعيات، ومن ذلك:
1- المرأة التي تفتر همتها وعزيمتها بعد الزواج، وهي التي كانت لا تبخل على دعوتها بوقتٍ ولا بجهد.
2- المرأة التي تجلس في بيتها بعد الإنجاب بحجة إرضاع الجنين والاهتمام به، بعدما كانت ملء السمع والبصر، وتهمل حق الدعوة عليها.
3- المرأة التي تقع في إهمالٍ في النفس أو البيت أو الزوج أو الأولاد بحجة زحام العمل الدعوي، وكثرة خروجها الدعوي.
4- المرأة التي تُقصِّر في الحقوق والواجبات المختلفة مع مغالطة النفس في التبريرات الواهية بحجة العمل الدعوي.
5- المرأة التي يطول غيابها الدعوي عن بيتها وأولادها بالساعات كل يوم، ويتكرر في غالب أيام الأسبوع.
6- المرأة التي يرفض الزوج نزولها إلى عمل دعوي، فتقول سأنزل تبعًا لولاية الدعوة علينا رجالاً ونساءً، فيهدد الزوج بالطلاق إن نزلت وتصر الزوجة على النزول.
7- المرأة التي يجد الزوج أنه لم يعد طرفًا في تحديد حركتها الدعوية فيطلب منها عدم النزول حتى يتفقا على الأسلوب الأمثل لحركتها، فتصر على النزول ولو سرًّا.
8- المرأة التي تصر على السفر للخارج بدون زوجها وبدون محرم، في منحة دراسية (علوم ثانوية) لعدة شهور، تاركةً الزوج ومعه أولاده يقوم على خدمة نفسه وخدمتهم طوال فترة غيابها.
9- المرأة التي يرفض زوجها سفرها في عمل دعوي ما، أو خروج دعوي ما، فتطلب الزوجة منه أن يطلقها حتى تستطيع أن تفي بما يجب عليها تجاه دعوتها.
10- المرأة التي يخبرها الزوج بأن عملاً دعويًّا ما اتفق عليه ووجودها معه أساسي فترد بالرفض لأن لديها عملاً دعويًّا مماثلاً.
من هنا نبدأ:
إن الأفضل أن توازن المرأة بين الحقوق كلها بالقدر الذي لا يُؤثِّر على منزلها وأسرتها ولا يعطل قدراتها وإنجازاتها، وأولى أولويَّات المرأة هو زوجها وبيتها، وإنَّ الله تعالى عندما أمرنا بالدعوة أمرنا بها لتتحقَّق رسالة هداية القلوب وصلاح النفوس وإعمار البيوت، فكيف تقوم على الشقاق بين الرجل وزوجته، أو على خراب بيت مَن يقوم بإصلاح البيوت الأخرى، ولذلك وجب الاستئذان من وليِّ أمرها (الزوج- الوالد) والتفاهم الودِّي بينهما، حول مكان الخروج، ومراعاة توقيت الذهاب والعودة، وذلك حتى لا تأثم بعدم مراعاتها لقوامة الرجل ومسئوليَّته عنها إذا خرجت دون إذن، مع مراعاة عدم تضييع المسئوليَّات الأخرى التي هي مُكلَّفةٌ بها، على حسب ترتيب الفروض بالنسبة لها، ويستحسن أن تنظم المرأة يومها من الفجر، وتنظم بيتها من الداخل، ولا تستهلك جهدها ووقتها في أمور البيت اليومية وتوازن بين أعمال بيتها ودعوتها حتى تجد عندها الوقت الذي تبذله للدعوة بدون أن تُقِّصر في مهام بيتها، بأن تكون مُنظِّمة في شئون بيتها ودعوتها، فالتوازن مطلوب إلا في الطارئ غير المتكرر، وبالتنسيق مع الزوج.
وإن البيت نموذجٌ مصغر للمجتمع يتدرب فيه الإنسان على إعطاء كل ذي حق حقه، ومَن تنجح في بيتها تنجح في دعوتها، وعند ازدحام الأعمال الدعوية على المرأة ويصعب التوفيق بينها يقدم الأكثر أثرًا والذي يصعب توفير البديل فيه، للحفاظ على استقرار البيت ما لم يصطدم ذلك برغبة الزوج، كما يجب على الزوجة مراعاة أولادها، وتقديم ذلك على الخروج للأنشطة الدعوية، إلا في حالة استقرار البيت وموافقة الزوج على خروجها، على المرأة إذًا تنظيم وقتها بين واجباتها، وترتيب أولوياتها بين الارتقاء بنفسها إيمانيًّا وتزكيتها بالعبادات، ورعاية زوجها وبيتها، وتربية أولادها، والتواصل معهم في ظل ظروف العصر، وصولاً لتحقيق التوازن بين رسالتها في بيتها، وبين ما يُحيط بأسرتها في المجتمع الخارجي، وإذا نجحت المرأة المسلمة داخل بيتها ستنجح خارج بيتها.
أخي زوج المرأة الداعية:
كلمة من القلب نوجهها إلى زوج المرأة الداعية عساه أن يشاركها في أجر دعوتها، فهي دعوة ليست لإعادة النظر في قضية مشاركة المرأة في العمل الدعوي والسماح لها بذلك وحسب، بل وتجاوز ذلك إلى مساعدتها بكلِّ قوَّة، في بناء البيت المسلم فإنَّه لا يجوز للزوج أن يقصِّر في حقِّ أهله وبيته باسم الدعوة، فكم رأينا من دعاةٍ أهملوا بيوتهم لأجل الناس، وأغفلوا تربية أولادهم ليربُّوا أولاد المسلمين، فصلح أولاد المسلمين، وفسد أولادهم! وهذا منطقٌ فاسدٌ باطلٌ لا يقبله أحد، فعلى الأزواج الدعاة إذن أن يهتمُّوا ببيوتهم، أن يعينوا زوجاتهم على ممارسة الدعوة، ولا بأس من بعض التنازلات الشخصيَّة ورحابة الصدر في التعامل مع تقصير الزوجة الداعية، واعلموا أنَّه بقليلٍ من التضحية والتعاون نقدِّم خيرًا عظيمًا لأُمَّتنا يبقى، لعل الله يقيل بنا عثرتها، ويقيمها من نكستها، ويعلي أمرها، ويرفع شأنها ويهدي شبابها، ويصلح رجالها ونساءها وشيوخها، ومَن منَّا لا يحبُّ ذلك؟
أختي المسلمة.. حذار
إنها إشارة تحذير قبل الختام، حذار أن يشعر الزوج بنفحةٍ من الغرور تسيطر على تصرُّفاتكِ معه، وتهدِّد قوامته الحريص على عدم المساس بها، أو التقصير في الشئون المنزليَّة والعائلية، فإذا أهملت موعد غدائه مثلاً- وهو هامٌّ ومن حقوق الأسرة عليك- من أجل نشاطٍ دعويّ، أو شغلك عن تأمين الملابس نظيفةً ومكويَّة، أو تكرار غيابك في أوقات راحته أو حاجته لخدمة ضيوفه، أو تهاونتِ عن مساعدة الأولاد في واجباتهم المدرسية أو الحيوية... إلخ.
هذه كلُّها بعض أسبابٌ يمكن أن تجعل الزوج يضيق بعملك الدعويّ، لذا فإنِّ الحكمة وتنظيم الوقت عند الداعية، ومعرفة الأولويَّات عند الزوج الذي لا يتسامح مع التقصير فيها، يجب أن تتوافر عند من تريد سلوك هذا الطريق، وعليك أن تشعريه خلال عملك الدعويِّ أنَّك بحاجةٍ إلى استشارته وأنَّه يُمثِّل الأستاذ الموجِّه لك، فقد يغضُّ النظر عن عملك، جرِّبي إعطاءه دور المشرف كي تزيد ثقته بدوره، ولا يخشى من خروجك الدعوي، ولا تنسَيْ شكره عند السماح لكِ بالخروج الدعوي، وأكِّدي على أنَّه السبب في تقدُّمك وتطوُّر شخصيَّتك وأشعريه بالامتنان له، وحافظي على تأدية واجباتكِ الأسريَّة، وخاصَّةً في الأولويَّات التي لا يعذرك عند التقصير بها.
أختاه.. إنها معادلاتك الصعبة، وائمي بين واجبات الوظيفة وحق الزوج ومتطلبات البيت والأولاد وواجب الدعوة وحق روحك في العبادة والعلم واكتساب المهارات في كل الميادين، ووزعي في عدالة وقصد وسداد هذه الحقوق والواجبات، واستعيذي بالله من العجز والكسل والهم والحزن، وبالهمة والعزيمة سوف تجدين قرة عينك في القيام بالأعباء الجسام، بلا شكوى ولا ضجر ولا سأم ولا ملل.
----------
* باحث إسلامي